بسم الله الرحمن الرحيم
حمداً لك يا من مننت علينا بولاية العترة الطاهرة ، وجعلتنا ممن يستضيء بنور علومهم ومعارفهم ، ونقلوا من حاد عنهم وناصبهم العداء ، ونستهدي بلوائح حكمهم النافعة ، وكلمهم الجامعة ، وعظاتهم البالغة ، وبراهينهم الساطعة ، وصلى الله على من أشرف بالدين ، وسيد الأنبياء والمرسلين ، محمد خاتم النبيين ، وآله الأئمة الهداة المهديين ، الخلفاء الحجج الميامين . واللعنة الأبدية على أعدائهم ما تنكبوا عن الصراط المستقيم، وخلدوا في الجحيم.
وبعد : فهذه نتف من عقود ذهبية ، وطرف من جواهر الكلم الطيب ، وحقائق ناصعة مأثورة عن مولانا وإمامنا زين العابدين ، وسيد الساجدين ، علي بن الحسين صلوات الله عليه المعروفة (( برسالة الحقوق)) أتمنى أن أوفق في نقلها لكم ،فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجبه عليه من حقوقه ، ووفقه وسدده :
1- حق الله الأكبر عليك
فان تعبده لا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه إن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، ويحفظ لك ما تحب منهما .
2- حق نفسك عليك
فان تستوفيها في طاعة الله، (وفي رواية) إن تستعملها بطاعة الله عز وجل فتؤدي إلى لسانك حقه ، وإلى سمعك حقه ، وإلى بصرك حقه وإلى يدك حقها ، وإلى رجلك حقها ، وإلى بطنك حقه ، وإلى فرجك حقه ، وتستعين بالله على ذلك .
3- حق اللسان
فإكرامه عن الخنا(1)( الفحش في الكلام ) ، وتعويده على الخير ، وحمله على الأدب ، واجمامه إلا لموضع الحاجة ، والمنفعة للدين والدنيا ، وإعفاءه من الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها ، ويعد شاهد العقل والدليل عليه ، وتزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . (وفي رواية : وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة فيها والبر بالناس ، وحسن القول فيهم).
4- حق السمع
فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك ، إلا لفوهة كريمة ، تحدث في قلبك خيراً ، أو تكسب خلقاً كريما ، فانه باب الكلام إلى القلب ، يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر ، ولا قوة إلا بالله . (وفي رواية : وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة ، وسماع ما لا يحل له ).
5- حق بصرك
فغضه عما لا يحل لك ، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل بها بصراً ، أو تستفيد بها علماً ، فان البصر باب الاعتبار ( وفي رواية : وحق البصر إن تغضمه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به ).
6- حق رجليك
فان لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، ولا تجعلهما مطيتك في الطريق المستخف بأهلها فيها ، فإنها حاملتك ، وسالكة بك مسلك الدين ، والسبق لك ، ولا قوة إلا بالله . (وفي رواية : وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما ، ولا بد لك أن تقف على الصراط فانظر إن لا تزل بك فتردى في النار).
7- حق يديك
فان لا تبسطها إلى ما لا تحل لك ، فتنال بما تبسطها إليه ، من الله العقوبة في الآجل ، ومن الناس اللائمة في العاجل ، ولا تقبضها عما افترض الله عليها ، ولكن توقرها بقبضها عن كثير مما لا يحل لها ، وبسطها إلى كثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل ، ووجب لها حسن الثواب من الله في الآجل. (وفي رواية : وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك ).
8- حق بطنك
فان لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير ، وان تقتصد له في الحلال ، ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين ، وذهاب المرؤة وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ ، فان الشبع المنتهى بصاحبه مكسلة ومثبطه ومقطعة عن كل بر وكرم ، وان الري المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ، ومذهبة للمروءة . (وفي رواية: وحق بطنك إن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع).
9- حق فرجك
فحفظه مما لا يحل لك ، والاستعانة عليه بغض البصر ، ـ فانه من أعون الأعوان ـ وكثرة ذكر الموت ، والتهدد لنفسكبالله ، والتخويف لها به ، وبالله العصمة والتأييد ، ولا حول ولا قوة إلا به . ( وفي رواية : وحق فرجك إن تحصنه عن الزنا ، وتحفظه من إن ينظر إليه ).