الأستاذ الشاعر غازي الحداد
كربلا مدرستي بها محاريب السجود
لرؤوس أقسمت من دون أجساد تعود
شاهقاتً بالقنا يغبطها نجم السعود
بدماها رفعت حُمراً كمُحمَر البنود
سائلاتِ الأعينِ تنزف من موضع شوف
كلها منشرقاتِ الهام من ضرب السيوف
ذابلاتٍ بالظمى من ثغرها يبدو اللهوف
أقمراً قد نزلت بالذبح في برج الخسوف
كربلا فلسفتي أجلو بها معنى الوجود
موقفي منها امتثالاً إن نزولاً أو صعود
وهي وحي منزل يوحي إلى القلب الصمود
نزلت آياتها بالنهر هاماً وزنود
كربلا مدرستي... والنحر بالأمر صدع
وقع الموت علي أم أنا فيه أقع
كربلا مدرستي والموت معراج الأباة
رفضوا أن يرتقوا إلا رفيعَ الدرجات
وجدوا بالموت تعطى للمضحين الحياة
فاستحلوا نزلاً حمراءَ في حر الفلات
لجدودٍ بلغت مما يلي العرش بقاب
وعلى أوجههم تقرأ آيات الكتاب
وعليها بعد نور من دم الهام حجاب
جثثاً تصهرها الشمس كمبيض السحاب
كربلا مدرستي مشتقة من كُربات
وأنا منها عنيد الطبع في وجه الطغاة
شهدت لي أرض لبنان وكل التلعات
أنني كنت حسينيَ الهوى والتضحيات
كربلا مدرستي... من دون يأس أو جزع
وقع الموت علي... أم أنا فيه أقع
كربلا مدرستي والذبح لا يردي النفوس
إنما يردي بها الذل وتنكيس الرؤوس
فإذا كان إلى الذل وللموت كؤوس
شربت ثانيها الاحرار في يوم عبوس
بشعار ألف هيهات لعيش الذلة
ما انحنت لا بل تحنت بنجيع المهجة
ورؤوس من غلو الأنفس بالعزة
وثبت كي لا تحط الهام فوق الصُّعدة
كربلا ملحمة ليست تراثاً أو طقوس
بل لطاماً أوجع الطغيان في حرب ضروس
بإمام أخذ التربان والدم لبوس
ورمى الأضلع للخيل وحياها تدوس
كربلا مدرستي... والعز ما شاء صنع
وقع الموت علي... أم أنا فيه أقع
سلامٌ على شهداء ارض الطفوف ..
القصيدة من جريدة الوسط ..